كلمة رئيس المتحف

كلمة تحية

رئيس المتحف هيروفومي أوتشيدا

المتحف الوطني لمرض الجذام

رئيس المتحف هيروفومي أوتشيدا

لقد تم تعييني رئيسًا للمتحف الوطني لمرض الجذام في 1 يوليو 2021 بعد تقاعد الأستاذ مينورو ناريتا من المنصب. على الرغم من ثقل هذه المسؤولية، إلا أنني سأبذل قصارى جهدي مستندًا إلى تجربتي المتعلقة بمشكلة مرض الجذام. أتمنى أن تتفضلوا عليَّ بإرشادكم وتشجيعكم مثلما قدمتموه لرئيس المتحف السابق.

إن العديد من الحيوانات أقوى من البشر. ويُعتقد أن سبب تطور البشر الضعفاء إلى هذه الدرجة هو انخراطهم في الحياة الاجتماعية. هذا هو سبب تسمية الإنسان بالحيوان الاجتماعي. أعتقد أن أهم أمر في الحياة الاجتماعية هو احترام حقوق الإنسان الخاصة بنا وبالآخرين.

كان الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان عام 1789 هو الأول من نوعه في تأكيده على حقوق الإنسان الحديثة بأنها «حقوق الإنسان والمواطن». وهو يتمتع بأهمية عالمية تاريخية كبيرة. إلا أن نطاق حماية الحقوق فيه كان محدودًا في الواقع. حيث تم استبعاد النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والأجانب وسواهم. فكيف يمكن ضمان حقوق الإنسان الخاصة بهؤلاء الناس؟ لقد كان هذا الأمر عاملًا رئيسيًا في التطور اللاحق لحقوق الإنسان.

قامت أحكام الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان على ضمان الحرية والمساواة بشكل رئيسي، في حين لم يكن قد تم الاعتراف بالحق في الحياة بعدُ. ولم يتم الاعتراف بالحق في الحياة كأحد حقوق الإنسان إلا في بدايات القرن العشرين. حيث تم التأكيد عليه للمرة الأولى في دستور فايمار (دستور الرايخ الألماني) الذي تم سنه عام 1919. وتنص المادة 151 منه على أن «نظام الحياة الاقتصادية يجب أن يتوافق مع مبدأ العدالة الهادفة إلى ضمان حياة إنسانية كريمة للجميع». وتمت إضافة هذا الحق الاجتماعي إلى دساتير العديد من البلدان بعد الحرب العالمية الثانية.

تم تأسيس الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. ويمكننا القول أن أول جهد قامت به الأمم المتحدة لمنع وقوع حرب عالمية ثالثة بعد تمعنها في الحربين العالميتين الأولى والثانية كان تدويل حقوق الإنسان. تم اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الدورة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948. وتنص مقدمته بوضوح على أن «نشر هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو معيار مشترك يتعين على جميع الشعوب والأمم إنجازه. »، وعلى أنه قاعدة عامة يجب على جميع الناس في جميع البلدان اتباعها مع احترام حقوق الإنسان. لقد أصبحت قضايا حقوق الإنسان أهم قضايا دولية في العالم بعد الحرب العالمية الثانية.

إن حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين تختلف عما كانت عليه حتى القرن العشرين في أنها «حقوق الإنسان من الأشخاص المعنيين ولهم». كما قامت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أيضًا بالاستناد إلى سيادة الأشخاص المعنيين هذه للقيام بنقلة نوعية في مفهوم «الإعاقة» التقليدي. ومن الأمثلة على ذلك نذكر المفهوم التقليدي القائم على اعتبار العمى والصمم وعدم القدرة على المشي «إعاقات». هذا هو ما يدعى بطريقة تفكير النموذج الطبي. ولكن حتى لو كان الشخص أعمى أو أصم أو غير قادر على المشي، فإنه لا تكون هناك عقبات أمام مشاركته في المجتمع طالما قام المجتمع بتوفير «مراعاة معقولة» له. إن سبب عدم إمكانية مشاركة هؤلاء الأشخاص في المجتمع هو عدم توفر المراعاة المعقولة لهم لا أكثر. فالإعاقة ليست موجودة لدى الشخص المعني بل في المجتمع. وبهذا فقد قامت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتحقيق نقلة نوعية. وتم تبني طريقة تفكير النموذج الاجتماعي. يمكن للأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من إعاقات في المشي الصعود إلى الطوابق العليا إذا كانت هناك سلالم، ولكن الأشخاص الذين يعانون من إعاقات في المشي لا يستطيعون الصعود إلى الطوابق العليا باستخدام السلالم. إلا أنه يمكنهم القيام بذلك في حال وجود مصعد. هذه هي طريقة التفكير التي نتكلم عنها.

كما تنص المادة 6 من القانون الأساسي لمشكلة مرض الجذام على أنه «عند صياغة وتنفيذ التدابير المتعلقة بمشكلة الجذام، على الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة لتعكس آراء مرضى الجذام السابقين والأطراف الأخرى ذات الصلة مثل عقد منتديات للنقاش معهم مثلًا».

يلعب المتحف الوطني لمرض الجذام دورًا هامًا للغاية كما أنه من المتوقع أن تزداد أهميته أكثر. إننا نتلقى آراءً متنوعة من مختلف الأطراف ناهيك عن آراء الأشخاص المعنيين بالأمر. وهذه الآراء تشكل قوتًا يغذي جهود تطوير المتحف الوطني لمرض الجذام.

لقد ارتكب الجنس البشري العديد من الأخطاء المتكررة، ولكنه نما عن طريق التعلم من تلك الأخطاء وتحويل الدروس التي تعلمها إلى قواعد شكلت ركيزة الحضارة. وليس من المبالغة القول أن تمرير هذه الدروس للآخرين هو أهم آلية لضمان نمو البشرية. أعتقد أن المتحف الوطني لمرض الجذام يلعب أيضًا دور تمرير هذه الدروس.

يمكننا القول أن المتحف هو عبارة عن ساحة لقاء عامة. أرجوا أن يخبرنا المعنيون بالأمر عن تعرضهم للأضرار الشديدة نتيجة سياسة الحجر الصحي الجبري الخاطئة التي اتبعتها البلد تجاه مرضى الجذام والتي يمكن اعتبارها "ضررًا حياتيًا"، وعن كفاحهم الشجاع في سبيل تغيير تلك السياسة الخاطئة ومن أجل "تعافي البشرية"، وعن وقائع الأمر وعن حياتهم ورسالتهم لنا، وأتمنى أن يسمحوا لنا في بعض الأحيان بالاستماع إليها وإخبار العديد من الناس والمواطنين بها من خلال هذه الساحة التي ندعوها المتحف الوطني لمرض الجذام. سوف نسلمهم الراية ليقوموا بمتابعة المسيرة.

وربما يكون أهم ما في متابعة هذه المسيرة هو القدرة على الاستماع والتحدث. سوف يسعى جميع موظفي المتحف الوطني لمرض الجذام معًا إلى تحسين هذه القدرة على الاستماع والتحدث وإلى تعزيز وظيفة المتحف كساحة للقاء.

وفي ختام كلمة التحية بمناسبة استلامي لمنصب رئيس المتحف، أود أن أطلب الإرشاد والتشجيع منكم من جديد ولكم جزيل الشكر.